468x60 Ads



التفكير النمطي: هو التفكير غير المبدع؛ وهو الذي يخضع للأفكار الجاهرة، التي اكتسبها الإنسان من خلال العادات، والتقاليد، والموروثات الثقافية والفكرية، والتي تُكوِّن عنده ما يسمى بـ(البارادايم): وهو مجموع ما لدى الإنسان من خبرات، ومعلومات، ومكتسبات، ومعتقدات... والتي ترسم الحدود الفكرية التي يسير بينها الإنسان، وتحدد مواقفه في الأحوال المختلفة، ومن ثم تحدد تصرفه عند كل موقف.
وبذلك يصبح للإنسان نمط معين من التفكير يسجن نفسه داخله... وفي كل مرة إذا أراد الانطلاق للحكم على الأشياء، إنما ينطلق من خلال صندوق تفكيره الضيق (البارادايم)...
وإذا أردنا التمثيل، فالأمثلة كثيرة؛ ويكفي أن نقول: إن بعض الناس قد يتخذ موقفا نمطيا -سلبيا أو إيجابيا-من جهة ما، أو دولة ما، أو شخص ما، ثم تتغير الظروف والأحوال المحيطة بهذا الشخص، أو بهذه الدولة، أو بهذه الجهة، والتي بسببها تكونت عنده تلك النظرة، والمفروض في هذه الحالة أن يتغير الحكم تبعا لتغير الظروف، وتكون عند الإنسان مرونة تغيير الأحكام تبعا للأحوال المتغيرة، غير أن بعض الناس يصعب عليه ذلك، ويقف (البارادايم) حاجزا بينه وبين تغيير أحكامه، وتمنعه النمطية من التفاعل بشكل إيجابي مع المتغيرات، ومن ثم يتعذر عليه أن يحكم على الأشياء حكما صحيحا.
ولذلك فإنه من الضروري أن يفك الواحد منا نفسه من دائرة التفكير النمطي، ويخرج عقله من دائرة القيود والحدود المعدة مسبقا، ويطلق العنان لتفكيره بحرية تامة.
ورحم الله الشافعي الذي كان له مذهبان؛ مذهب في العراق، ومذهب في مصر، والسبب هو أن (البارادايم) لم يقف حائلا أمامه ليغير أحكامه وفتاواه، تبعا لتغير الزمان والمكان والظروف المحيطة ...
فهل سنحطم تلك الحدود والسدود، ونقضي على النمطية التي تتحكم في تفكيرنا، فتجعلنا ندور في دائرة الأحكام الجاهزة، أم أننا سننطلق بتفكير حر، نواكب به الأحداث المتسارعة، والواقع المتغير، ونحكم به أحكاما صحيحة على ما يدور حولنا من أحداث؟؟؟؟ذلك ما أرجوه وأطمح إليه...


الدكتور : نور الدين مهري